أغنيات آخر زمن
بقلم: زينب خليل عودة
إحصائية: يصرف على أغنيات الكليبات سنويا فقط في لبنان ما يزيد على 13 مليون دولار.
باتت الأغنية تشكل وسيلة تعليمية وأيضا ثقافية من شأنها أن توصل رسائل هامة للجيل. فى البيت والشارع والمدرسة والجامعة ومؤسسات عدة لا حصر لها تجد من بها يتغنى بأغنيات للمغني فلان أو فلانة.
واللافت للنظر، وشيء لا يوصف، هذا الكم من الأغنيات التي تبث ليل نهار من خلال قنوات الفضائيات العربية المختلفة. فعلا يمكن أن نطلق عليها أغنيات آخر زمن.
وسوف أركز على الأغنيات التي تقدمها ما يطلق عليهن فنانات من مختلف الجنسيات، هي أغنيات جسد لا صوت. حقيقة أغنيات يصورها ويقدمها الجسد لا الصوت. والمشاهد لها لا يحس بأي معنى ولا هدف سوى الإثارة والخلاعة المقصودة ودغدغة الغرائز الجنسية فقط لا غير.
لست هنا بصدد ذكر أسماء الفنانات المغنيات فهن يتكاثرن يوما بعد يوم ولست بصدد ذكر أسماء الأغنيات ولكن، اللافت للنظر أن معظم المغنيات يتبعن إلى حد ما نفس الأسلوب ونفس طريقة العرض وإلى حد ما نفس شكل الملابس التي ترتدين تقريبا، كلهن يصورن بملابس لا يمكن وصفها بملابس، فهي تظهر أكثر مما تخفى وبمعنى أحرى (كاسيات عاريات).
أما بالنسبة لطريقة العرض فهي عبارة عن مشاهد بحركات متنوعة على السرير إضافة إلى الاسترخاء والتمدد بطريقة تمتهن من اللباقة والذوق والأدب الرفيع، كما أننا نرى مظهرا آخر، وهو إحاطة هذه الفنانة بعدد من الرجال الذين يتراقصون بطريقة غريبة وبشكل يدعو للسخرية وبمعنى آخر هبل.
وإذا تطرقنا لكلمات هذه الأغنيات، فهي مجرد كلام في كلام لا معنى له ولا قيمة أدبية أو فنية، كلام عارٍ تماما مثل لبسهن، وكأن كل مغنية تتسابق فقط في الظهور وبأحدث تسريحة شعر وبأحدث صرخة وموضة، وكأن كل أغنية أصبحت عبارة عن تسويق لهذه الأشياء وبأي وسيلة مهما كانت، حتى يكاد المشاهد يستوعب أنها سلعة.
وطبعا إن لاحظنا، نجد أن الكثير من المخرجين يستغلون هؤلاء المغنيات أسوأ استخدام في المبالغة في طريقة الغناء وجعله فقط إثارة المشاعر والإكثار من المناظر الإباحية والإغراء وتقصير الثياب حتى تشعر وكأنك ترى كل شيء في هذه المغنية أو تلك، وحدث ولاحرج حجم ما يذاع ومايراه المشاهدون في الليل والنهار.
وفي إحصائية أتذكر أنه أوردها برنامج بقناة جرس الفضائية من فترة، فذكرت على سبيل المثال لا الحصر أنه يصرف على أغنيات الكليبات سنويا فقط في لبنان ما يزيد على 13 مليون دولار. هذا مبلغ ضخم وللأسف تنفق على كليبات لا تحمل فناً وإنما خلاعة وخدش للحياء وللأدب وللقيم وللتعاليم ولكل شيء في مجتمعنا.
مرة أخرى لست بصدد ذكر أسماء مغنيات فهم كثر، ولكن أركز على دور الرقابة المفروضة على إذاعة مثل هذا الكم من الأغاني، فهى رقابة عديمة الجدوى بل ومشاركة فى ضياع ثقافة أجيال بأكملها لتصبح خاوية لا معنى لها مقلدة الخطأ قبل الصح في ظل هذا الغزو الفكري والثقافي الخطير.
وختاما النتيجة الملموسة حاليا هي التباكي على ضياع الأجيال وثقافتهم وكيفية معالجة ذلك. وبالأساس نحن من سمح بذلك، أو نحن المسؤولين.
0 التعليقات:
إرسال تعليق