فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم






بقلم: جواد البشيتي

إننا في 'عصر السرعة'؛ ولكننا لم نرَ من أثرٍ لهذه السمة لعصرنا إلاَّ في 'الوجبات السريعة'، وفي 'الفتاوى السريعة'، التي يطهونها لنا شيوخ الفضائيات في دقائق معدودات.



"المفتي"، تعريفاً، هو مختص بـ "الإفتاء"، يجيب دينياً (أي إسلامياً) عمَّا يشكل ويلتبس من أمور ومسائل في حياة الناس (الفرد أو الجماعة) المؤمنين، مبيِّناً لهم "الحُكْم الشرعي"؛ و"المفتي"، صفةً، هو، وبحسب ابن القيم، مُبْلِغٌ عن الله، وعن الرسول، أي أنَّ الرأي الذي يدلي به (أو الفتوى التي يُخْرجها) يجب، ولو من حيث النيَّة والقصد، أن يكون مِمَّا يُقرُّه الله ورسوله.

و"الفتوى"، مهما كانت منزلة مُخْرِجها، ودرجة أهليته؛ ولو كانت محل إجماع بين أهل الإفتاء، تظل رأياً لصاحبها، يصحُّ فيه قول الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". و"الأجرأ على الإفتاء"، على ما قال الرسول، "أجرأ على النار"؛ فإذا أراد "المفتي" أن يقي نفسه عذاب النار فإنَّ عليه أن يزن كل كلمة يقولها في فتواه، وأن يجتهد في جعلها، على ما يُقدِّر في نهاية مطافه الطويل الشاق، مستوفيةً لشروط نيله الثواب، وإلاَّ وجب عليه أن يكون "مفتياً سلبياً"، أي أن يقول "لا أعلم"، فإنَّ "من قال لا أعلم فقد أفتى".

و"الفتوى"، في بعض من أهم معانيها الدينية الإسلامية، يجب أن تكون بِنْتاً للحياة، والعصر، والواقع، فأهميتها وشرعيتها تُسْتَمدَّان أيضاً من ظرفي الزمان والمكان، ومن الحياة الواقعية للناس، بما تخلقه لهم من مصالح واقعية حقيقية، وبما تولِّده فيهم، ولديهم، من احتياجات واقعية حقيقية، ومتغيِّرة، فالدين كلمَّا أجاب عن الأسئلة بما ينفع الناس، ويلبِّي احتياجاتهم، ويمكِّنهم من العيش بما يوافِق زمانهم ومكانهم، وبما يراعي اختلاف ظرفي الزمان والمكان، تأصَّل في نفوسهم أكثر، وعَظُم ظهوره في سلوكهم وتصرُّفهم.

لا بدَّ من قول ذلك؛ لأنَّ الناس في المجتمع المسلم في ميل متزايدٍ إلى طلب الفتاوى؛ وهذا الميل هو جزء من ميلهم الأوسع إلى أن يزنوا كل تصرُّف (فردي أو جماعي) بميزان الحلال والحرام، فتلوين كل منحى من مناحي حياة الأفراد والجماعات بلون الدين الإسلامي، والذي هو شمولي الطبيعة، هو ما يستبدُّ بتفكير كثير من الناس، أو أكثريتهم.

ومن هذه "الحاجة السلوكية ـ الدينية" التي في اشتداد وتعاظم، يَنْفُذ إلى عقول الناس كثيرٌ من المُغْرضين في "فتاواهم"، والمتَّجرين بها، والذين، عن وعيٍ أو عن جهلٍ، يريدون لفتاواهم أن تكون مُسيِّراً لكثيرٍ من المسلمين (والشباب منهم على وجه الخصوص) بما تشتهي مصالح وأهداف قوى تلبس لبوس الدين توصُّلاً إلى سَتْر عدائها للشعوب الإسلامية، بمصالحها وحاجاتها الواقعية الحقيقية غير الوهمية.

في فتاواهم تَصْغُر العظائم، وتَعْظُم الصغائر، فالأمور والمسائل التي تضرب جذورها عميقاً في المصالح والحاجات العامة والأساسية للمسلمين، أفراداً وجماعات، لا مكان لها في فتاواهم على فيضها وكثرتها وتكاثرها؛ فلم نسمع قط أنَّ أهل الإفتاء قد توفَّروا على إخراج فتوى يؤكِّدون فيها للعامة من المسلمين أنَّ الديمقراطية ليست من الكفر في شيء، إنْ لم تكن من الإيمان، وكأنَّ لهم مصلحة تقضي بالتصالح مع ذوي المصلحة في إبقاء شعوبنا ومجتمعاتنا بمنأى عن الديمقراطية بخيرها وشرِّها.

فتاواهم إنَّما هي لتعظيم الصغائر؛ وكيف لها أن تكون غير ذلك وأصحابها لا ينطقون إلاَّ عن هوى مصالح صغيرة لهم، تهوي بنا، إذا ما صدَّقناها، وأخذنا بها، إلى الدرك الأسفل من النار التي يُعدُّونها لنا بالتعاون مع قوى دولية وإقليمية جُبِلَت على العداء لحقوقنا الديمقراطية، ولقضايانا ومصالحنا القومية؟!

إنَّ أحداً منهم لم يجرؤ على أن يفتي بما يسمح بتذليل العقبات من طريق قيام صحافة حرَّة في الدول العربية؛ ولكنه لم يخجل من أن يمتثل لمشيئة شياطين الاستبداد، وأن يصنع لهم فتوى يبيح لهم فيها "جلد الصحافي" الذي ينشر أخباراً غير صحيحة، أو تُشهِّر بوزراء ونوَّاب..

حتى تحرير المرأة، وتحرير العلاقة بين نصفي المجتمع، بما يرفع منسوب الحرية في المجتمع، ويزاوِج بين تديُّنه وتحضُّره، لم تشمله الفتاوى إلاَّ بما يؤدِّي إلى رفع منسوب الرذيلة، فالمرأة، بحسب "فتوى إرضاع الكبير"، ينبغي لها أن تُرْضِع زميلها في العمل (والذي تعمل معه في غرفة واحدة) خمس رضعات، فيصبح، بالتالي، محرَّماً عليها، فتكشف عن شعرها وتَخْلع الحجاب أمامه؛ وتتحوَّل "الخلوة"، بحسب تلك "الفتوى"، من "غير شرعية" إلى "شرعية". "الرذيلة"، بحسب "فتوى" الدكتور عزت عطية، رئيس قسم الحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر، والذي أثبت أنَّه مُرْضِعة لفساد أخلاقي عظيم، إنَّما هي "الاختلاط" بين الجنسين في العمل؛ أمَّا "الفضيلة" فهي أن تكشف المرأة لزميلها (ولكثيرٍ من زملائها من ثمَّ) عن صدرها لترضعه خمس رضعات (لا أكثر ولا أقل)!

جمال البنا، الذي يوصف بأنَّه "مفكِّر إسلامي"، أراد أن يحل مشكلة "الطرف الثالث"، وهو إبليس، فالمرأة والرجل (من غير المتزوِّجين، أو من غير المحارم) ما أن ينفردا في خلوة حتى يصبح ثالثهما إبليس، فيزيِّن لهما الرذيلة وارتكاب الحرام. لقد حلَّها إذ حلَّل القبلات بين الجنسين في الأماكن العامة، أي على مرأى من الناس، ففي المكان العام يُحَلَّل ما يُحرَّم في الخلوة، التي هي أيضاً محرَّمة!

حتى "الشيخ" نزار قباني لم يجرؤ على قول ما قاله "المفكِّر الإسلامي" جمال البنا، فقصارى قوله كان "إذا ما اجتمع رجل وامرأة خرج الشيطان"!

أمَّا أعظمهم شأناً ومكانةً في دنيا الإفتاء إلا وهو مفتي مصر الدكتور علي جمعة، والذي لم يُفْتِ قط إلاَّ بما يقيم الدليل على أنَّه علينا، وليس مِنَّا، فلم يَجِد من أمرٍ يستحق أن يُخْرِج فيه فتوى سوى "بول الرسول"، ففتى بـ "التبرُّك ببول الرسول"، ضارباً صفحاً عن حقيقة أنَّ الرسول بشر، وعن الآية "قل إنَّما أنا بشر مثلكم".

هذا المفتي ختموا على فمه، فلم يرَ ما يستدعي أن يُخْرِج فتوى يُحرَّم فيها أن يشارِك أي مسلم في الحصار الإسرائيلي (والدولي) المضروب على المسلمين، وعلى أطفالهم على وجه الخصوص، في قطاع غزة، وكأنَّه فضَّل أن يرى في جوعهم، وتجويعهم، امتحاناً لصلابة وقوَّة إيمانهم!

وأحسب أنَّ وجود هذا المفتي، مع أمثاله وهُمْ كُثْر، يشدِّد الحاجة إلى "علمانية" من نمط آخر، أي إلى تخليص الدين، ورجاله ومؤسساته..، من قبضة الدولة، فخضوع الدولة للدين عندنا إنَّما يعدل قطرة في بحر خضوع الدين للدولة.

إننا في "عصر السرعة"؛ ولكننا لم نرَ من أثرٍ لهذه السمة لعصرنا إلاَّ في "الوجبات السريعة"، وفي "الفتاوى السريعة"، التي يطهونها لنا شيوخ الفضائيات في دقائق معدودات، لعلَّ المتضورين جوعاً إلى الفتاوى من أبناء مجتمعنا "يهتدون"!

0 التعليقات:

دردشة الجامعات الأردنية

اخبار اكاديمية






*الدكتور أنعام خلف*
بكل جدارة واستحقاق نالت الدكتورة أنعام خلف عميدة كلية التمريض في الجامعة الأردنية درجة الأستاذية وذلك اثر تقييم مجمل إنتاجها البحثي والعلمي المنشور في عدد من المجالات العالمية والدولية .
ترفع المهندس ناصر الروسان رئيس المشاغل الهندسية في جامعة البلقاء التطبيقية إلى الدرجة الأولى تهانينا وألف مبروك
كما تقرر ترفيع حسنيه عبيدات رئيسة الديوان في كلية الهندسة التكنولوجية في جامعة البلقاء التطبيقية إلى الدرجة الأولى تهانينا والى الإمام .


باشر الدكتور محمد صالح الطراونة عمله خبيراً للدراسات الإكتوارية وإدارة المخاطر ومستشاراً للمدير العام في مؤسسة الضمان الاجتماعي يذكر أن الطراونة كان يشغل منصب مدير دائرة الهندسة في الجامعة الأردنية وأستاذاً مشاركاً في كلية الهندسة والتكنولوجيا فيها والطراونة حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة المدنية وعلى زمالة جمعية الإكتواريين المرخصين وعلى درجة محلل مخاطر معتمد من الولايات المتحدة الأمريكية ..

قرر رئيس الجامعة الأردنية الدكتور خالد الكركي تعيين الدكتور أنيس شطناوي مديراً لدائرة الهندسة بالإضافة إلى وظيفة الحالية مدير مكتب التنفيذ والمتابعة لمشروع الجامعة الأردنية / العقبة ويذكر أن شطناوي كان قد تقلد عدة مناصب أكاديمية منها رئيساً لقسم الهندسة المدنية ومساعداً لعميد كلية الهندسة والتكنولوجيا لشؤون الطلبة ويشار إلى أن شطناوي يعمل أستاذاً مساعداً في قسم الهندسة المدنية في الجامعة وهو حاصل على الدكتوراه في هندسة الإنشاءات من جامعة "اكرون/أوهايو" في الولايات المتحدة الأمريكية وله بحوث متخصصة في الإنشاءات .

قرر مجلس العمداء في جامعة البلقاء التطبيقية ترقية الدكتور زكريا القضاة عميد كلية عجلون الجامعية إلى رتبة أستاذ في الهندسة الكيميائية والقضاة متخصص في مجال هندسة الكيمياء الحيوية والبيئة وله العديد من براءات الاختراع .

قرر رئيس جامعة أل البيت تكليف الدكتور جمعة عباد للقيام بأعمال مساعد رئيس الجامعة إضافة إلى عمله مديرا لجهاز الرقابة الداخلية في الجامعة .


جامعاتنا

جامعة عمان الأهلية

http://www.college-help.org/uploads/21ammanalahlyia3.jpg

عالسريع






*جامعات جديدة في الشمال*
علمت خفايا من أحد المساهمين في إحدى جامعات الدراسات العليا في إقليم الشمال بان هناك كولسات لأصحاب رؤوس أموال ومستثمرين أردنيين في المجال الأكاديمي ينوون إقامة جامعة أهلية ما بين محافظي الزرقاء والمفرق

*أنشطة متنوعة لليرموك*

علمت خفايا بان جامعة اليرموك عقدت خلال العام الماضي 2009 حوالي 15 مؤتمرا علميا و20 ندوة علمية بالإضافة إلى 8 ورش علمية وتدريبية مختلفة تغطي كافة كليات وأقسام ومراكز الجامعة الأكاديمية .

*بحث علمي*
كشف الدكتور سليمان عربيات رئيس الجامعة الهاشمية عن نية الجامعة تخصيص 600ألف دينار من موازنتها للعام الحالي للبحث العلمي .

*الهاشمية خالية من التدخين*

قررت إدارة الجامعة الهاشمية منع التدخين في جميع مبانيها والمرافق التابعة لها انسجاما مع فلسفة الجامعة بخلق بيئة علمية صحية سليمة تعني بالمحافظة على الصحة العامة

*زواج عرفي*
يقال وليس كل ما يقال صحيحا أن عدد كبير من حالات الزواج العرفي قد تمت في إحدى الجامعات الرسمية وتحتفظ إدارة الجامعة عن الإعلان عن أسماء الطلاب والطالبات المتورطين بها .

*تحقيق*
قالت مصادر جامعية بان جهات مختصة فتحت تحقيقا في طرح عطاء لإنشاء مباني لكلية جديدة بعد ورود معلومات تتحدث عن وجود شبهة فساد في طرح العطاء وإحالته على إحدى الشركات المحلية

*عادي يا كبير*
الدكتور خالد الكركي رئيس الجامعة الأردنية قام بتجهيز شهادات العلمية وتقديمها لوزارة التعليم العالي والتي طلبة الشهادات الأكاديمية العليا لحملة الدكتورة على اثر اكتشاف بعض الشهادات المزورة والغير معترف بها .



  © Blogger templates The Professional Template by Ourblogtemplates.com 2008

Back to TOP