لم أجد من العرب سوى الأمير الحسن بن طلال
ستقول لي: انظر حولك كم عربيا موجودا الآن بين هؤلاء البشر من زوار المتحف؟
لندن ـ من أحمد فضل شبلول
سأسألها، وهي تعرض علينا كتالوجات وكتبا عن متاحف لندن: هل لديكِ نسخة من هذا الكتالوج بالعربية؟
وسترد: لا يوجد.
وسأسألها: لماذا، والعرب كثيرون في لندن؟
ستقول لي: هم لا يزورون المتاحف أو المعارض كثيرا.
وسأقول لها: ولكن اللغة العربية لغة منتشرة الآن في المحافل الدولية.
ستقول لي: انظر حولك كم عربيا موجودا الآن بين هؤلاء البشر من زوار المتحف؟
سأقول لها في النهاية: معكِ حقأ، وأكمل جولتي بداخل المتحف.
***
هذا هو الحوار المتخيل الذي افترضت حدوثه مع بائعة الكتالوجات والكتب بمتحف فكتوريا وألبرت (V&A) بجنوب كينسنغتون بكرومويل رود بالعاصمة البريطانية، قبل ذهابي إليه.
وهو ما دار فعلا على غرار ما دار في الزيارة السابقة (منذ سنتين ونصف) واقترحت وقتها أن يقوم مجلس السفراء العرب في لندن بترجمة النسخة الإنجليزية من كتب المتاحف والمعارض التي تباع أو تهدى للزوار والسائحين، إلى اللغة العربية لتكون موجودة مثلها مثل بقية اللغات الأخرى: فرنسية، إسبانية، ألمانية، إيطالية، روسية، يابانية، صينية .. الخ، ولكن لم يحدث هذا الأمر، والدليل أن هذا الحوار الذي افترضته هو ما حدث فعلا، وكنت أتمنى ألا يحدث وأن أجد البائعة تفاجئني وتقول لي: ها هي النسخة العربية من كتالوج المتحف.
أثناء زيارتي لمتحف اللوفر في باريس وجدت مجلس السفراء العرب قد ترجم نسخة من كتالوج المتحف إلى اللغة العربية، فشكرتهم في إحدى مقالاتي عن الرحلة الباريسية، خاصة أنه كان يوزع بالمجان على زوار متحف اللوفر.
وأتساءل ثانية هنا: لماذا لا يترجم هذا المجلس ـ إذا كان له وجود في لندن ـ كتب المتاحف والمعارض الكبرى، إلى العربية، فالبريطانيون أنفسهم لن يفعلوا هذا، وحتى إذا أرادوا أن يفعلوا، فلا بد من وجود جهة عربية ما تحثهم على ذلك، أو تقدم لهم الدعم المادي والمعنوي لفعل ذلك.
وإذا كان متحف التاريخ الطبيعي في لندن لا يوجد به معروضات تخص المنطقة العربية، فإن متاحف مثل المتحف البريطاني، ومتحف فكتوريا وألبرت، وغيرها يوجد بها آثار ومعروضات وتماثيل ولوحات تخص المنطقة بأسرها، فهناك معروضات وتماثيل وأشياء رائعة من الحضارات التي مرت على منطقتنا سواء الفرعونية أو البابلية والآشورية والفينيقية وغيرها مما يفخر به المرء عند زيارة تلك المتاحف التي تحافظ على الآثار والتماثيل وتعرضها في أبهى صورة لها.
حجر رشيد بالمتحف البريطاني خير مثال على ذلك، والذي أعتقد أنه لو عرض في أحد المتاحف المصرية لما وجد مثل هذا الاهتمام والحماية والعناية التي يجدها في المتحف البريطاني، على الرغم من مطالبة د. زاهي حواس بإعادة الآثار والتماثيل المصرية، وخاصة حجر رشيد، إلى مصر.
ومن المعروف أن معظم هذه الآثار والتحف والمجوهرات والتماثيل واللوحات المعروضة بالمتاحف اللندنية وغيرها، قد تكون سرقت، أو أهديت من بعض الحكام والأمراء أثناء سنوات الاحتلال الإنجليزي لبعض الدول العربية وغير العربية، والمسلات المصرية شاهدة على ذلك، ولكن عندما يرى الزائر هذه الآثار والتماثيل معروضة ومحروسة ومحفوظة بعناية شديدة، فإنه من الممكن أن يغفر لهذه السرقات والإهداءات، ويشكر إدارات المتاحف والمعارض هناك على اهتمامها بعرض التراث الإنساني أو التراث البشري بهذه الطريقة الرائعة.
***
على مدى ثلاث زيارات للمتاحف المجانية في لندن: المتحف البريطاني، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف فكتوريا وألبرت، لم أشاهد من العرب سوى الأمير الأردني المثقف الحسن بن طلال، ففرحت أنني وجدت أخيرا عربيا يزور المتحف، فقمت بمصافحته وعرفته بنفسي، وعندما عرف أنني من الإسكندرية، ذكر لي مبتسما وفي تواضع شديد، أنه عضو مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، فقلت له: هذا شرف لنا في الإسكندرية.
كنت أريد أن أحدثه عن ضرورة قيام مجلس السفراء العرب في لندن بترجمة وطباعة كتالوجات المتاحف والمعارض الرئيسية في لندن وبريطانيا إلى اللغة العربية، مثلما حدث مع كتالوجات متحف اللوفر في باريس، ولكن المطر المنهمر خارج متحف فكتوريا وألبرت، جعل الأمير الحسن بن طلال ومنه معه يهرعون إلى السيارات السوداء التي كانت تنتظرهم على أبواب المتحف، ولعلني أحدثه في ذلك عند زيارته للإسكندرية قريبا.
أحمد فضل شبلول ـ لندن
0 التعليقات:
إرسال تعليق