الكويت تقرع جرس التعليم العالي الاردني!
محمد حسن العمري
استغرب فعلا كيف مرّ قرار وزيرة التعليم العالي الكويتية الغاء التسجيل وعدم اعتماد ثلاثة جامعات اردنية خاصة للطلبة الكويتيين، وهو قرار له قيمته ووراءه الكثير مما يمكن ان يتم الحديث عنه، خصوصا انه صادر عن الدولة الاكثر تقدماً وخبرة في الدول الخليجية في التعليم العالي، قرار لم يتخذ اعتباطاً وانما جاء نتيجة سلسلة من التحفظات سجلها المستشارون الثقافيون الكويتيون في عدد من الدول العربية والاسيوية وغيرها التي يدرس فيها الطلبة الكويتيون..
***
في الصحف الكويتية ودون الاشارة الى الاردن تحديداً، اعتبرت الكثير من الجامعات ممن يكثير فيها الفساد والرشا وتواضع مستوى التعليم غير اهل لتدريس الطلبة الكويتيين، وشملت كل الدراسات العليا باوكرانيا وبلغاريا وسولفاك، وجامعة عربية معروفة كجامعة السادس من اكتوبر المصرية المحظورة على الطلبة الكويتيين للسبب ذاته، لكن ان يصل الجرس الخطر الى الجامعات الاردنية، الخاصة منها بالطبع فهو امر خطير وخطير جداً، حيث كان ينظر فيما مضى الى الشهادة الاردنية باحترام وتقدير كبير جداً في دول الخليج، وكذلك الى الكوادر الاردنية المتخرجة من جامعات غير اردنية ايضاً، وهو ما بدأ يتراجع تدريجياً منذ ان بدأ التعليم الموازي والتعليم الخاص، ويصل اليوم الى مرحلة خطيرة وخطيرة جداً تصل الى حد قرار وزيرة التعليم العالي الكويتية بالغاء تسجيل الطلبة الكويتيين في ثلاث جامعات اردنية خاصة ومعروفة!
***
كان من المفترض واحتراماً للتعليم العالي الاردني ذي السمعة الجيدة، ان تسحب وزارة التعليم العالي الاعتراف باي جامعة غير ملتزمة بالقواعد المنتهجة في الجامعات الحكومية، وهو الذي حافظ على سمعة الجامعات الحكومية الاردنية على مدار سنوات طويلة، وهناك دول كثيرة تسحب الاعتراف بجامعات محلية داخل البلد الاصل للجامعة، وهو ما يزيد من سمعة التعليم العالي في هذه البلد في الخارج، وهو ما لم نسمع عنه مطلقا هنا في الاردن فجميع الجامعات الخاصة التي تقارب العشرين، معترف بها داخلياً بما يوازي الجامعات الحكومية الاخرى، وهو امر ندركه ويدركه الجميع يخضع لامور غير منطقية، فنسبة النجاح في الجامعات الحكومية هي الاقل حتى اليوم مع ان طلاب الجامعات الحكومية هم الاعلى معدلات تنافسية عن زملائهم في الجامعات الخاصة، والذي يثير تساؤل عبرت عنه الكويت بقرار مرّ دون ان يعلق عليه احد هنا في الاردن.
***
لا اعرف على وجهة الدقة هل اصبح الخوض في الحديث عن التعليم العالي محرما، حتى نصل الى مرحلة سحب دولة عربية من الدول المتقدمة في مجال التعليم الاعتراف ببعض جامعاتنا، قبل اكثر من عشر سنوات، كان الحديث في هذا الامر بناءً، وهو ما اذكره عنما فتحت جامعة العلوم باربد برنامج الموازي لها في كلية الطب وكان عدد الطلبة يصل الى قريب من 400 طالب بالفصل الواحد، دون ان يكون للجامعة مستشفى تحتوي هذه الحجم الكبير من الطلبة، قامت الدنيا ولم تقعد وهو ما سرّع في انشاء مستشفى الملك المؤسس للمحافظة على مستوى رفيع لخريجي كليات الطب الاردنية، الذين يحققون اعلى النتائج في امتحانات الشهادات العليا والزمالة في اميركا وبريطاني وكندا واستراليا، وهو الامر الذي يدعونا اليوم الى التشديد عليه في عدم موافقة وزارة التعليم على منح ترخيص اي كلية طب خاصة من الممكن ان تؤدي الى تدهور سمعة دراسة الطب في الاردن، هذه الدراسة التي كانت تجعل من مرور استاذ كلية الطب ككامل العجلوني او قنديل شاكر او نايف عبدالله في كاردور مستشفى الجامعة حالة طوارئ ورعب يعيشها طلاب الطب الاردنيين، اثمر هذا الرعب عن عشرات الاساتذة الاردنيين خريجي الاردن والمقيمين اليوم في اعرق كليات الطب في الجامعات البريطانية والاميركية والكندية.
***
لا اعرف ايضا ان كانت وزارة التعليم العالي تعلم ان عدد طلاب الطب اليوم في اوكرانيا وبعض الدول العربية كاليمن التي تضم نحو ألف طالب طب بجامعات خاصة يمنية، وهو العدد الذي يفوق اضعاف عدد طلبة الطب النظاميين في جامعاتنا الثلاث: الاردنية والعلوم ومؤتة، وهو ما نتج عنه سابقاً تضخم اخر في مستوى الخريجيين من غير المقبولين في المستشفيات الكبيرة والمؤسسات الطبية المعتبرة، وهو امر شهدته الاردن بداية الثمانينات عندما تخرج عدد ضخم من الجامعات في الدول الاشتراكية والتي كانت ايضاً تدرس اللغات المحلية، وتقبل طلبة التوجيهي الادبي والتجاري في الطب وتقبل التوجيهي المصري يومها بدون اللغة الانجليزية ايضا في الطب، وكان نتيجة ذلك ان الطبيب ينتظر سنوات ترفض كل المؤسسات الطبية المعروفة تعيينهم، حتى تم استيعابهم مع الزمن بسبب الحاجة الماسة لتخصص الطب!
***
وبالعودة الى التعليم العالي داخل الاردن، والذي صعقنا بقرار الكويت الذي مر عليه قريب من شهر وسط صمت التعليق وردود الافعال حتى من الجامعات التي لم تمتلك حتى الدفاع عن نفسها، فثمة اعتبارات اخرى يجب اعادة النظر فيها ومعظمها متعلق في الهيئات التدريسية التي تعتمد فيها الجامعات الاهلية على الكوادر التي تقبل بالاجر الاقل، وهو ما لا ينطبق على الجامعات الحكومية التي اعتمدت منذ سنوات طويلة عدم قبول اساتذة في الكليات العليمة والطبية والهندسية الا من جامعات مرموقة ومصنفة عالمياً.
بينما ثمة كوادر كثيرة في الجامعات الخاصة من جامعات غير معروفة او من جامعات مفتوحة في الاصل للحصول على شهادات ترفع المستوى المهني في المؤسسات والشركات وليست للاغراض الاكاديمية، وهو الذي يجعلها تقبل برواتب متدنية ترضى الاهداف التجارية للجامعات الخاصة، والامر لم يعد سراً وقرار وزيرة التعليم الكويتي ومؤتمرها الصحفي تناقلته اكثر وكالات الانباء العربية ونقلته بعض مواقع الاردن المحلية ولكن على استحياء!
***
اعتقد انه آن الاوان للمحافظة على سمعة التعليم الاردني، عن طريق اعادة النظر بحزم بكل الجامعات الخاصة الموجودة واخضاعها لشروط داخلية ولا يأتينا الانذار من الخارج، وسحب الاعتراف في الجامعات الخاصة التي لا تطبق المعايير المتبعة بالجامعات الحكومية، واعادة النظر في الطلبة الاردنيين في الخارج وخصوصاً تخصصات الطب والهندسة، ونسحب الاعتراف بالجامعات المتحفظ عليها من دول كثيرة كما فعلت الكويت، وهو الامر الذي لم يحصل حتى الآن، فمعظم الجامعات الخاصة خارج الاردن بصرف النظر عن مستوياتها يتم تعديل شهاداتها لتتساوى آخر الامر مع جامعاتنا الرسمية والجامعات المعتبرة في الخارج.
آن الاوان لاعادة النظر بكل ذلك، فالإرث الاردني في التعليم كبير وكبير جداً، ويجب ألا تهدره النزوات التجارية للجامعات الخاصة ولا نزوات عقدة دراسة الطب والهندسة بصرف النظر عن مستوى وقيمة الشهادة!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق