لماذا لا نحب 'أسامينا'؟ الدراسات الحديثة أثبتت أنّ طبيعة الاسم قد تؤثر في نفسية الشخص، وفي حظوظه من حيث التوظيف والنجاح.
بقلم: خالد وليد محمود
"اسامينا شو تعبوا اهالينا تلقوها شو افتكروا فينا".
تذكرت هذا الكلام وأختي الصغيرة تعاتبني أنني السبب في تسميتها "رنا"، لا أدري لماذا لا تحب اسمها وتتمنى لو أسميناها باسم آخر، أو لو كان لها الخيار في ذلك. فثمة الكثير من الناس الذين لا تعجبهم أسماءهم لكنهم مضرين للتظاهر بقبولها، من دون أن يتمكن أحدهم من الوقوف أمام ذاته ويعترف: لا أحب اسمي، وهناك أشخاص تعجبهم، ولكنهم يريدونها أكثر معاصرة.
بعض الآباء يفرضون أسماء غريبة وغير مألوفة على أبنائهم، مما يوقعهم في حرج عندما يكبرون ويختلطون في المجتمع، قد تكون هذه الأسماء تراثية قديمة ولا علاقة لها بصفات المولود.
الدراسات الحديثة أثبتت أنّ طبيعة الاسم قد تؤثر في نفسية الشخص، أو حتى في حظوظه من حيث التوظيف والنجاح. وتجمع تلك الدراسات على أن هناك تأثيرا نفسيا كبيرا للأسماء، فمن الممكن أن تؤثر سلباً على سلوك الشخص حين يشعر بالخجل من اسمه ويلجأ لتغييره أو عدم الإفصاح به، بدلاً من الاعتزاز به، وهنا يكون الاسم سببا لإيذاء نفسي معين، وربما يتطور إلى عقدة نفسية في حال أعطاه اهتماما يفوق حجمه الطبيعي.
وبعض الأشخاص أطلقت عليهم عائلاتهم أسماء تنتمي للجيل السابق ولا تناسب جيلهم، كحال من يُسمى باسم جدّه، أو تُسمى باسم جدّتها لأجيال متلاحقة، حتى وإن تسبب لحامله في "عقدة نفسية" مزمنة. معظم هؤلاء لا يحبون أسماءهم، ولا يشعرون تجاهها بالرضا.
ومن خلال تجاربي مع بعض الأصدقاء والزملاء وجدت أن الأسماء التي يحملونها يشعرون من خلالها بحرج وخجل خاصة عند مقارنة أسمائهم بأسماء أقرانهم الذين يحملون أسماء خفيفة ومعاصرة، أو من تلك التي تصلح لكل الأزمنة، وحينذاك يبدأ إحساسهم بالظلم الذي أوقعه عليهم آباؤهم.
اتفق تماما مع من يرى أن في تسمية الآباء للأبناء بأسماء لا تناسب جيلهم أو محيطهم، كثير من الأنانية، لأنها أسماء لا تبعث السرور والسعادة إلا في نفوس هؤلاء الآباء، وبنفس الوقت من الظلم أن ننتقي خاصة لبناتنا أسماء غربية وأعجمية لكأن المعجم العربي بكل مفرداته الفنية قد عجز أن يأتي بأسماء بنات العرب!
من الضروري أن نراعي البعد النفسي للاسم وتأثيره على الحالة النفسية والاجتماعية المهنية للفرد، لذا يستحسن أن يختار الأبوان أسماء مقبولة لها دلالات حسنة حتى لو لم تكن شائعة. فلنتذكر أن أبناءنا وبناتنا ليسوا أحراراً في اختيار اسمائهم، ولنختر لهم أسماءا جميلة ومناسبة لكل وقت وزمان.
أنهيت المقال ولم أجد تفسيرا لعدم قبول رنا لاسمها وعدم اقتناعها به، رغم أنها تعدد لي أسماء صديقاتها، ومعظم أسمائهن تتسم بالسرعة والتسارع وتختصر بحرفين أو ثلاثة ليكون خفيفاً لطيفاً سهل الكتابة مثل: لنا، هيا، هنا، حلا، وأخريات أضيف لأسمائهن حرف رابع أو ألف أخيرة لتعطيه نفحة موسيقية.
أعرف بعض الأشخاص الذين غيروا أسماءهم المتداولة، واتخذوا أسماء جديدة باتوا يُعرفون من خلالها، لكن من دون أن يطال التغيير الأوراق الرسمية.
شخصياً، غير متزوج، وكون الفكرة بدأت تروق لي، بدأت من اليوم أعد العدة قبل أن أورط "بنتنا" بشكل خاص في اسم يكون لها منه في حياتها نصيب.
بالمناسبة أحب اسمي كثيراً، بينما رنا تود لو أن اسمها "فلسطين" هكذا تحب أن أناديها، وعندما أنطق الكلمة "فلسطين" يذوب هذا الاسم في فمي، وتفرّ التعابير من غير أجنحة في فضاء الاسم، وكم أشعر بالسعادة عندما أسمعها وهي تقول لو اسميتني يا خالد "فلسطين"، ربما لاختصرت علي قول الكثير!
خالد وليد محمود
Khaled_april@hotmail.com
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق