درس هندي للعرب في الدفاع عن الإسلام!
اسمي خان...
حذام خريّف
"اسمي خان.. ولسـت إرهابيا"، بهذه العبارة اكتسح الفيلم البوليوودي "اسمي خان" قاعات السينما الأمريكية والبريطانية ونجح في تحقيق نسبة مشاهدة عالية رغم أن قصّته تعتبر عادية مقارنة بغيره من الأفلام المعروضة على غرار الفيلم الحدث "افاتار"..
من خلال قصّة رومانسية تجمع بين مسلم وهندوسية يعيشان في أمريكا يقدّم رزفان خان الإسلام كدين ينبذ العنف ويدعو إلى الحب والتسامح والتفاهم.. فهل يصّحح خان الصورة المسيئة للعرب، التي رسمتها السينما الهوليوودية، منذ ظهور السينما، ويرمّم انكسارات أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؟.
الإجابة عن هذا السؤال بدت جليّة خلال الدورة الستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي حيث كان "الإسلام" "نجم" الدورة من خلال مجموعة من الأفلام منها البوسني "على الدرب" والألماني-الأفغاني "شهادة"، والتركي - الألماني "عندما نغادر" والفيلم الهندي "اسمي خان"... أكثر من عمل سينمائي اهتمّ بتصحيح الصورة المشوّهة التي ينقلها الغرب عن المسلمين.
تقابلت الأفلام، باختلاف جنسياتها وانتماءاتها، حول مضمون رسالة واحد وهو أن المسلمين ليسوا إرهابيين دينهم العنف ومبدئهم الغدر وهوايتهم اضطهاد النساء، واتفقت على أن تلك الصورة المغلوطة عن "المسلم شديد التطرّف" ليست سوى تزييف للواقع يخدم مصالح جهات بعينها.
ولكن الملفت للنظر والمؤسف، في آن واحد، أن تكون قائمة الأفلام، التي شاركت في مهرجان برلين وغيرها من الأفلام التي تطرّقت إلى هذا الموضوع، خالية من أي مشاركة عربية، بالرغم من أن العرب هم الأكثر تضررا من التشويه المتعمّد في الإعلام الغربي لصورة المسلمين، ودائما ما يُربط العرب، أكثر من غيرهم من المسلمين من الجنسيات الأخرى، بالنظرة السلبية والعدائية للإسلام.
تبنّت جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي خطة عمل مشتركة وشاملة لتحسين صورة المسلمين، وبالذات العرب أمام الغرب.. ولكن هذه الخطة "السياسية" يصعب أن تنجح وتؤتي أكلها بعيدا عن الجانب الفني وخاصة السينما، لأن الصورة السينمائية أكثر اقناعا وتأثيرا من ديباجات الساسة ولأنها يمكن أن تكون أفضل سفيرة للقضية من خلال تجوالها في المهرجانات العالمية والأهمّ من ذلك أن الصورة الجيدّة لا تحتاج إلى خطاب كلامي حتى يفهمها "الآخر".
"الليالي" "1905"-"العرب" "1915"-"ظلال الحريم" "1928"-"الهمجي" "1933"-"الخروج" "1960"-"الأحد الأسود" "1977"-"ديلتا فورس" " 1986"-"جزار الابتذال" "1990"-"أكاذيب حقيقية" "1994"-"القرارات النافذة" "1996"-"الحصار" "1998"-"قواعد اللعبة" "2000"-"فتنة""2007"... والقائمة تطول لتشمل مئات الأفلام التي ساهم في إنتاجها اللوبي اليهودي الذي يتحكّم في أكبر شركات الإنتاج السينمائي والإعلامي في هوليوود والعالم، بالإضافة إلى المخابرات الأميركية "إف بي آي" التي ساهمت بدورها في دعم هذه الأفلام التي جعلت من الشخصية العربية رديفا لكل معاني القسوة والتخلّف والكبت، وجعلت من الشرق رمزا للإثارة والسحر والجنس، ناهيك عن المساس بالدين الإسلامي من خلال السخرية من المقدّسات الدينية..
وفي مقابل هذه القائمة من الأفلام لم تشهد الساحة السينمائية العربية ولا العالمية منذ تاريخ انتاج فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار"، عملا بمقاييس عالمية يقدّم صورة "جيدة" عن العرب والمسلمين.. فقط نكتفي بالبحث عن الأعذار وفي أقوى حالات التأثر نعبّر عن رفضنا بالصراخ والمظاهرات والكثير من الكلام.. وكأننا نتلذّذ بأن نمثّل دائما دور الضحية المظلومة.
ولكن الشكوى وحدها لا تكفي، ولا تتحمّل السينما الغربية وحدها إثم هذه الصورة المسيئة للعرب، بل هم من يتحمّلون الوزر الأكبر، حين قدّموا لهم تراثهم الإنساني والتاريخي والعلمي على طبق من ذهب.. يفرحون عندما يقدّم مخرج "عالمي" عملا قصّته مستوحاة من "ألف ليلة وليلة" أو مقتبسة من قصص "بطولات" العرب وشخصياتهم التاريخية بدءا من ملوكهم وأمرائهم، على غرار "صلاح الدين الأيوبي" و"هارون الرشيد"، وصولا إلى شخصياتهم التراثية الشعبية كـ"جحا".. وسياسة "الانفتاح" و"الكرم العربي" هذه لم تعد عليهم إلا بـ"الشر"، فقادة العرب قدّمتهم السينما الأمريكية في صورة "كازانوفا"، فيما صوّرت المرأة العربية على أنها جارية لا حول لها ولا قوة سوى إرضاء "مولاها".. والمؤسف أن السينما العربية، رسّخت تلك الصورة حين دفنت هذه الشخصيات في مقبرة التاريخ وتركت الغير يعبث بها دون محاولة منها لاحيائها، فباستثناء المسلسل التلفزيوني "هارون الرشيد" وفيلم "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين، لم يرد ذكر هذين القائدين في أي عمل سينمائي عربي بمقاييس عالمية وبصورتهما الحقيقية.
الألمان وأيضا الروس، وفي أوج الحرب بين أمريكا والاتحاد السوفياتي، تعرضوا لتشويه إعلامي مشابه سخر منهم وصوّرهم في شخصية العدواني والقاسي والغبي.. فما كان منهم إلا أن اتبعوا سياسة الكيل بمكيالين وانتجوا إعلاما مضادا..
أيضا السينما السينما التركية والصربية والبوسنية والصينية واليابانية وغيرها... بدأت تحارب "الآخر"، خصوصا الأمريكي، بنفس سلاحه، "السينما" والإعلام عموما، فبقدر ما يمعن هو في تشويه صورتها، تقدّم هي "الترياق" السينمائي الذي يصحّح هذه الصورة.. فأين سينما العرب؟
التأثير العالمي يحتاج إلى أفكار وأساليب ومعالجات متجددة ومختلفة، ويتطلّب سينما تسعى إلى التجديد والتطوير المستمر، وتلعب على تحويل القضايا المحلية إلى موضوع عالمي.. على عكس ما تعيشه السينما العربية اليوم، التي يحكمها مبدأ "الجمهور عاوز كده"، العبارة الأكثر شهرة والنظرية الأكثر تطبيقا في الساحة الفنية العربية..
ولكن الجمهور بدأ ينتفض على هذه النظرية التي سحقت ذائقته وحوّلته إلى مجرد جمهور "بليد" مغيّب الوعي.. وملّ من الأعمال السطحية التي باتت ممجوجة ومكررة، بعد أن فاضت الكأس وضاق ذرعا بالنظرة الاستعلائية التي يعامله بها الغرب بسبب اتهامات لا ناقة له فيها ولا جمل أجهزت على ما بقي من كرامته.. اتهامات لم يجد في بلاده، التي تمتدّ من محيط العالم العربي إلى خليجه، من يردّ على مروّجيها؛ في حين وجد السلوى في الفيلم الهندي ""اسمي خان"، فبعث بدعوة إلى مثقّفيه ومبدعيه وفنّانيه ونوّابه... وكل ممثّليه والمتكلّمين باسمه ليشاهدوا الفيلم علّهم يفقهون شيئا من الرسالة السامية التي يحملها..
ففي خطوة طريفة وجّه مواطن بحريني دعوة إلى أعضاء مجلس النواب لحضور فيلم "إسمي خان" أرفقها بالعبارة التالية: "أتقدم إلى مجلسكم بهدية متواضعة، أتمنى أن تنال موافقتكم، وهي عبارة عن 40 تذكرة سينمائية مدفوعة الأجر لمشاهدة هذا الفيلم السينمائي الهندي"اسمي خان"، علكم تستفيدون منه كيف يكون الحب والتسامح عنصرين مهمين للنهوض بأي مجتمع، ولتتعلموا أيضا من خلاله أن البغض والكراهية والحقد لن تجرّنا إلا إلى متاهات"، وطلب منهم الاقتداء ببطل الفيلم الذي استطاع من خلال تمثيله أن يقنع العالم بأنه ليس جميع المسلمين "إرهابيين"".
"اسمي خان.. ولسـت إرهابيا"، بهذه العبارة اكتسح الفيلم البوليوودي "اسمي خان" قاعات السينما الأمريكية والبريطانية ونجح في تحقيق نسبة مشاهدة عالية رغم أن قصّته تعتبر عادية مقارنة بغيره من الأفلام المعروضة على غرار الفيلم الحدث "افاتار"..
من خلال قصّة رومانسية تجمع بين مسلم وهندوسية يعيشان في أمريكا يقدّم رزفان خان الإسلام كدين ينبذ العنف ويدعو إلى الحب والتسامح والتفاهم.. فهل يصّحح خان الصورة المسيئة للعرب، التي رسمتها السينما الهوليوودية، منذ ظهور السينما، ويرمّم انكسارات أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول؟.
الإجابة عن هذا السؤال بدت جليّة خلال الدورة الستين لمهرجان برلين السينمائي الدولي حيث كان "الإسلام" "نجم" الدورة من خلال مجموعة من الأفلام منها البوسني "على الدرب" والألماني-الأفغاني "شهادة"، والتركي - الألماني "عندما نغادر" والفيلم الهندي "اسمي خان"... أكثر من عمل سينمائي اهتمّ بتصحيح الصورة المشوّهة التي ينقلها الغرب عن المسلمين.
تقابلت الأفلام، باختلاف جنسياتها وانتماءاتها، حول مضمون رسالة واحد وهو أن المسلمين ليسوا إرهابيين دينهم العنف ومبدئهم الغدر وهوايتهم اضطهاد النساء، واتفقت على أن تلك الصورة المغلوطة عن "المسلم شديد التطرّف" ليست سوى تزييف للواقع يخدم مصالح جهات بعينها.
ولكن الملفت للنظر والمؤسف، في آن واحد، أن تكون قائمة الأفلام، التي شاركت في مهرجان برلين وغيرها من الأفلام التي تطرّقت إلى هذا الموضوع، خالية من أي مشاركة عربية، بالرغم من أن العرب هم الأكثر تضررا من التشويه المتعمّد في الإعلام الغربي لصورة المسلمين، ودائما ما يُربط العرب، أكثر من غيرهم من المسلمين من الجنسيات الأخرى، بالنظرة السلبية والعدائية للإسلام.
تبنّت جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي خطة عمل مشتركة وشاملة لتحسين صورة المسلمين، وبالذات العرب أمام الغرب.. ولكن هذه الخطة "السياسية" يصعب أن تنجح وتؤتي أكلها بعيدا عن الجانب الفني وخاصة السينما، لأن الصورة السينمائية أكثر اقناعا وتأثيرا من ديباجات الساسة ولأنها يمكن أن تكون أفضل سفيرة للقضية من خلال تجوالها في المهرجانات العالمية والأهمّ من ذلك أن الصورة الجيدّة لا تحتاج إلى خطاب كلامي حتى يفهمها "الآخر".
"الليالي" "1905"-"العرب" "1915"-"ظلال الحريم" "1928"-"الهمجي" "1933"-"الخروج" "1960"-"الأحد الأسود" "1977"-"ديلتا فورس" " 1986"-"جزار الابتذال" "1990"-"أكاذيب حقيقية" "1994"-"القرارات النافذة" "1996"-"الحصار" "1998"-"قواعد اللعبة" "2000"-"فتنة""2007"... والقائمة تطول لتشمل مئات الأفلام التي ساهم في إنتاجها اللوبي اليهودي الذي يتحكّم في أكبر شركات الإنتاج السينمائي والإعلامي في هوليوود والعالم، بالإضافة إلى المخابرات الأميركية "إف بي آي" التي ساهمت بدورها في دعم هذه الأفلام التي جعلت من الشخصية العربية رديفا لكل معاني القسوة والتخلّف والكبت، وجعلت من الشرق رمزا للإثارة والسحر والجنس، ناهيك عن المساس بالدين الإسلامي من خلال السخرية من المقدّسات الدينية..
وفي مقابل هذه القائمة من الأفلام لم تشهد الساحة السينمائية العربية ولا العالمية منذ تاريخ انتاج فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار"، عملا بمقاييس عالمية يقدّم صورة "جيدة" عن العرب والمسلمين.. فقط نكتفي بالبحث عن الأعذار وفي أقوى حالات التأثر نعبّر عن رفضنا بالصراخ والمظاهرات والكثير من الكلام.. وكأننا نتلذّذ بأن نمثّل دائما دور الضحية المظلومة.
ولكن الشكوى وحدها لا تكفي، ولا تتحمّل السينما الغربية وحدها إثم هذه الصورة المسيئة للعرب، بل هم من يتحمّلون الوزر الأكبر، حين قدّموا لهم تراثهم الإنساني والتاريخي والعلمي على طبق من ذهب.. يفرحون عندما يقدّم مخرج "عالمي" عملا قصّته مستوحاة من "ألف ليلة وليلة" أو مقتبسة من قصص "بطولات" العرب وشخصياتهم التاريخية بدءا من ملوكهم وأمرائهم، على غرار "صلاح الدين الأيوبي" و"هارون الرشيد"، وصولا إلى شخصياتهم التراثية الشعبية كـ"جحا".. وسياسة "الانفتاح" و"الكرم العربي" هذه لم تعد عليهم إلا بـ"الشر"، فقادة العرب قدّمتهم السينما الأمريكية في صورة "كازانوفا"، فيما صوّرت المرأة العربية على أنها جارية لا حول لها ولا قوة سوى إرضاء "مولاها".. والمؤسف أن السينما العربية، رسّخت تلك الصورة حين دفنت هذه الشخصيات في مقبرة التاريخ وتركت الغير يعبث بها دون محاولة منها لاحيائها، فباستثناء المسلسل التلفزيوني "هارون الرشيد" وفيلم "الناصر صلاح الدين" ليوسف شاهين، لم يرد ذكر هذين القائدين في أي عمل سينمائي عربي بمقاييس عالمية وبصورتهما الحقيقية.
الألمان وأيضا الروس، وفي أوج الحرب بين أمريكا والاتحاد السوفياتي، تعرضوا لتشويه إعلامي مشابه سخر منهم وصوّرهم في شخصية العدواني والقاسي والغبي.. فما كان منهم إلا أن اتبعوا سياسة الكيل بمكيالين وانتجوا إعلاما مضادا..
أيضا السينما السينما التركية والصربية والبوسنية والصينية واليابانية وغيرها... بدأت تحارب "الآخر"، خصوصا الأمريكي، بنفس سلاحه، "السينما" والإعلام عموما، فبقدر ما يمعن هو في تشويه صورتها، تقدّم هي "الترياق" السينمائي الذي يصحّح هذه الصورة.. فأين سينما العرب؟
التأثير العالمي يحتاج إلى أفكار وأساليب ومعالجات متجددة ومختلفة، ويتطلّب سينما تسعى إلى التجديد والتطوير المستمر، وتلعب على تحويل القضايا المحلية إلى موضوع عالمي.. على عكس ما تعيشه السينما العربية اليوم، التي يحكمها مبدأ "الجمهور عاوز كده"، العبارة الأكثر شهرة والنظرية الأكثر تطبيقا في الساحة الفنية العربية..
ولكن الجمهور بدأ ينتفض على هذه النظرية التي سحقت ذائقته وحوّلته إلى مجرد جمهور "بليد" مغيّب الوعي.. وملّ من الأعمال السطحية التي باتت ممجوجة ومكررة، بعد أن فاضت الكأس وضاق ذرعا بالنظرة الاستعلائية التي يعامله بها الغرب بسبب اتهامات لا ناقة له فيها ولا جمل أجهزت على ما بقي من كرامته.. اتهامات لم يجد في بلاده، التي تمتدّ من محيط العالم العربي إلى خليجه، من يردّ على مروّجيها؛ في حين وجد السلوى في الفيلم الهندي ""اسمي خان"، فبعث بدعوة إلى مثقّفيه ومبدعيه وفنّانيه ونوّابه... وكل ممثّليه والمتكلّمين باسمه ليشاهدوا الفيلم علّهم يفقهون شيئا من الرسالة السامية التي يحملها..
ففي خطوة طريفة وجّه مواطن بحريني دعوة إلى أعضاء مجلس النواب لحضور فيلم "إسمي خان" أرفقها بالعبارة التالية: "أتقدم إلى مجلسكم بهدية متواضعة، أتمنى أن تنال موافقتكم، وهي عبارة عن 40 تذكرة سينمائية مدفوعة الأجر لمشاهدة هذا الفيلم السينمائي الهندي"اسمي خان"، علكم تستفيدون منه كيف يكون الحب والتسامح عنصرين مهمين للنهوض بأي مجتمع، ولتتعلموا أيضا من خلاله أن البغض والكراهية والحقد لن تجرّنا إلا إلى متاهات"، وطلب منهم الاقتداء ببطل الفيلم الذي استطاع من خلال تمثيله أن يقنع العالم بأنه ليس جميع المسلمين "إرهابيين"".
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 التعليقات:
إرسال تعليق